Powered By Blogger

الأحد، 4 سبتمبر 2022

الفصل الثالث مع الطائر الغريق

 

                   الفصل الثالث                             *****

الطائر الغريق

لحق عبد المعطي بالطائرة وجلس هادئاً مستكيناً على مقعده ، ينظر عبر الزجاج  من نافذة الطائرة وهي ترتفع عن الأرض ، وهو يري الأرض من أمامه تغوص بما عليها وتبتعد عنه ، كلما ارتفعت الطائرة لتأخذ طريقها في المجال الجوي كما هو مقرر لها ، وهنا جرت الدماء في رأسه وصعد تفكيره وهبط ورجع للوراء حيث الأيام السوالف  ، تذكر كاترين وكيف كانت اللحظة التي تقابل معها وتعرف عليها ؟ ، كان اللقاء الأول في أحد الملاهي الليلة بشارع الهرم ، شده جمالها وشعرها الأصفر ، عيناها الزرقاوتين،   ابتسامتها الرقيقة ، دونا عن صويحباتها شدت كاترين انتباه عبد المعطي لها ،  فهو من هواة ومحبين الجنس اللطيف ، خصوصاً الشقراوات منهن أصحاب اللسان الأعجمي ، وهو لا يجد صعوبة التخاطب معهن ، فهو يجيد أربع لغات بطلاقة ، الإيطالية والفرنسية والإنجليزية والعربية بطلاقة ولم يجد صعوبة في التعرف على واحدة مثل كاترين ...

فواحد مثل عبد المعطي لا يهمه ديانتها وأخلاقها وثقافتها ، فكل هذه الأشياء مفقودة عنده ، تعدم أمام الجمال الأنثوي اللاتيني ،  فلتكن ما تكن ولتفعل ما تفعل ، بطبعه منفتح على مصراعيه كالباب الذي ليس به أقفال وضوابط ، تأرجحه الريح وترجه الريح كلما مرت بجانبه ، لقد تم اللقاء الأول بعد النظرة الأولى بينهما بعيداً عن أنظار الرفقاء وعيون المتربصين له ، حدث التلاطف وجمعت بينهما بعض الخصال وتكرر اللقاء مرات عدة ، اتفقا على الزواج والارتباط ،فبدلاً من أن تعود كاترين إلى إيطاليا مع رفقائها ظلت في مصر ، وجدت كاترين رغبتها وما يؤهلها للبقاء دون أن تغادر أو تبحث عن تصريح للإقامة ، لقد كانت أنوثة كاترين طاغية حد الإبهار ، تؤجج وجدان الذكورة عند الرجال ،  قد وهبها الله ملامح ما بالغليظة  أو الرقيقة عينان واسعتان

زرقاوين ،  وأنف دقيق  ، وشفاه رقيقة ، وعود فارع ، وشعر أصفر مدلى، وخدود حمراء ، ومنحيات جسدها وتقاسيمها تغمر الجسد ، تتفنن في توضحيه مع بروز النهدين وتراقص الأرداف وهي تخطو ، فإذا مشت كانت كأنها ترقص على أنغام صنعت لها خصيصاً ليرقص جسدها كأنه مركب على لوالب فتتحرك كل أعضائها طرباً ....!  ، أقامت كاترين في بيت عبد المعطي ما يقرب من عام وثلاثة شهور لم يعترضها ولم يعارضها وإنما كان يلبي كل طلباتها دون سؤال منه ... وجاء اليوم الذي حدث فيه الخلاف ، لم يكن ذلك في الحسبان ، كانت عودته قرب الفجر ، قد شرب الكثير من المسكر كعادته ، ألقى بنفسه على السرير بحذائه ونام حتى عصر اليوم التالي ، رغبت كاترين في الخروج مع بعض أصدقائها ، فتحركت في الغرفة ،استيقظ على حركتها وفتح عينيه وسألها . إلى أين أنتِ ذاهبة ؟ ، نظرت إليه بغرابة فلم تكن عادته معها أن يسألها ..

قالت : حيث أريد أن أذهب ، فأنا لا أجدك معي طوال الوقت وأصبحت أعيش وأخرج مع نفسي ، وصديقي ينتظرني ،أفاقت الكلمة عبد المعطي من النوم والسكر ، حين قالت كلمتها له وكأنه ضرب بسوط في نومه على غره فأفاقه ، فرك عبد المعطي بيده  عيناه ، وهو يحاول أن يرفع أسبال جفنيه من على عينيه ... عبد المعطي : لا تخرجي يا كاترين ..كاترين : لماذا ؟ ، سأخرج مع صديقي وصديقك صلاح ، عبد المعطي :  أنا قلت لك لا تخرجي ..! . تبسمت كاترين تبسم المصر على قضاء أمره بالعصيان ، همت  ناحية باب الحجرة  لتخرج ،  فهي لم تعتاد على مثل تلك الأمور ولا تعرف كاترين تلك الثقافة الشرقية التي فاجئها بها على حين غرة ، هب عبد المعطي واقفاً يريد أن يمنعها من الخروج وأمسك يدها بغلظة واليد الأخرى من كتفها ، فإذا بكاترين الرقيقة تثور ثورة لم يعتدها عبد المعطى في كل ما عرف من النساء  ، دفعت كاترين يده من على كتفها ،وراحت تفك أسرها باليد الأخرى من يده ، وتصب جم غضبها عليه بوابل من السب والشتائم واصفة إياه بالمتخلف والحقير ، ودون أن تدري تحرك شعور الإمعة ليرفع يده ليصفعها على وجهها صفعة أردتها أرضاً ...تخر كاترين على السرير باكية ويسود البيت الوجوم بعدها ،  وينظر عبد المعطي لكاترين وهو ينهرها ويزجرها ويعيب عليها عدم إطاعة في أمره وهي لا ترد عليه ، يحاول عبد المعطي أن يخفف من  حدة الأمر فيربت على كتفها ويقدم الاعتذار والأسف لها ، ويلقي اللوم على أعصابة التي فقدها حتى هدأت وعاد بها إلى حجرة النوم لتغير ملابسها ويدعوها للخروج كما تريد وكما تشاء ..

                                             مع فصل أخر مع الطائر الغريق بإذن الله تعالى

                                                     بقلم: سيد يوسف مرسي  

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق